السلام عليكم ..
بات في حكم المؤكد بعد ان رأينا عودة نوع من الحراك في عدد من الدول العربية مؤخرا , أن “الفساد الكبير” هو الأشد خطورة عن أنواع الفساد الأخرى ، وهو ذلك الفساد الذي يصيب المستويات العليا في أي بلاد مع تسخير “البطانة” لخدمة أهداف تلك الأجهزة والشخصيات النافذة المستبدة ..
ومحاربة الفساد كان أمراً ملحاً قبل “الربيع العربي”، وقد أضحى بعده حتميةً لا مناص من تحمل استحقاقاتها ومواجهة انعكاساتها ، ويخطئ من يظن أن تعامل الشعب العربي مع الفساد سيظل كما هو سابقا فثمة اختلافات كبيرة تفرضها ظروف ومعطيات جديدة , لا سيما أنه يزداد وينمو، فبعض الدول العربية تتقهقر في تصنيفات الفساد والشفافية على المستوى العالمي ، وليس هناك تحركات حقيقية لوقف دولاب هذا الفساد الخطير سوى إصلاحات شكلية وتشريعات وآليات مفرّغة من مضمونها وفعاليتها ، وهي حيل لم تعد تنطلي على أحد , وبالتالي برزت هيئات خاصة ومجموعات كثيرة تعمل بجد في مجال توثيق الفساد بانضمام “الأجيال الجديدة” التي تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية…
كلنا نعلم بأن ملفات الفساد الكبير في كل دول العالم ومنها بعض الدول العربية , كانت تطبخ بصورة سرية في الجلسات الخاصة ، وما كان الناس يملكون الا ان يتهامسون بفساد فلان وفلنتان او هذه الجهة او تلك ..!
الأن الواقع تغير , ولم يعد بمقدور الفاسدين من التمادي كثيرا في هذا الأمر, خصوصا اذا ترافق هذا بقرار سياسي كما حدث لدينا مؤخرا , فهنالك قفزة كبيرة تحققت في الشأن التوثيقي للفساد الكبير، بعد أن آمنت الأجيال الجديدة بضرورة محاربة هذا الفساد الذي ينغّص عليها مستقبلها ويحرمها من حقوقها , فنحن نشاهد جميعاً كيف بدأت هذه الأجيال في تسريب بعض ملفات الفساد إلى مواقع التواصل الاجتماعي بصور متعددة ومستخدمة لهذا الهدف تقنيات فنية جديدة ، فأنتجت أفلاماً ومقاطع قصيرة عن الفساد في قوالبه المختلفة ، وبثته في مواقع كثيرة , فنجحت الأجيال الجديدة في مخاطبة شرائح عريضة في المجتمع العربي ..
فتغير الحال ولسوف يتغير ..
